الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية حـنـكة الشـيـخـيــــن: نعمة أم نقمة على تونس؟

نشر في  08 جوان 2016  (10:38)

لا يختلف اثنان في أن ما تعيشه الساحة السياسية بتونس من غموض، بات أمرا مثيرا للريبة والشكّ، حيث بات الشأن السياسي التونسي متقلبا وغير مستقر على حال  ...
ولئن يرى البعض في كون حنكة كل من رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي ورئيس حركة النهضة راشد الغنوشي هي التي انقذت البلاد من «حمام دم» وتمكنت من المرور بتونس الى بر الآمان، فان آخرين يرون في هذا التحالف بين «الشيخين» نقمة على تونس وسببا رئيسيا في تدهور الاوضاع لكون كل من السبسي والغنوشي لا يفكر سوى في المصلحة الخاصة ..
 ولعل اقرار رئيس الجمهورية بفشل هذه الحكومة ودعوته الى تكوين حكومة وحدة وطنية، وتبني «شيخ النهضة» لهذا المقترح وتشجيعه عبر وسائل  الاعلام قد يدفعنا مجددا الى طرح جدلية هذه العلاقة..
في البداية نشير الى ان رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي الذي اكد قبل الانتخابات الرئاسية «ان النداء والنهضة عبارة عن خطيْن متوازييْن لا يلتقيان.. وإذا التقيا فلا حول ولا قوة إلا بالله»، والعبارة مأخوذة كما هي من كلام لرئيس الجمهورية الذي اكد ايضا ان الإسلاميين غير ديمقراطيين بالطبع، لأن تعليماتهم تأتي وحيا من إله .أما الديمقراطي فيستمدّ مواقفه من الواقع ومن الشعب... نفس هذا الرئيس هو الذي انتقل شخصيا لحضور المؤتمر العاشر لحركة النهضة واثنى عليه، مع العلم وان الغنوشي بدوره سبق له وان حضر المؤتمر الاول للنداء، كما التقيا في اكثر من مناسبة داخل تونس وخارجها وخططا سويا لمصلحة البلاد والعباد...
تغير في المواقف قد لا يثير الكثير من الاهتمام قدر بحثنا عن نية رئيس قرطاج و«شيخ مونبليزير»، وحقيقة ما يجمعهما..
هنا وللتذكير فان راشد الغنوشي التقى مؤخرا رئيس الجمهورية، وذكر الغنوشي أنّ اللقاء تناول الوضع العام بالبلاد والتأكيد على ضرورة توجيه كلّ الطاقات لخدمة الدولة والدفاع عنها بإنجاح تنفيذ البرامج التنموية للحكومة وتحقيق الأمن ومحاربة الارهاب والفساد..
في البداية ارتأينا في أخبار الجمهورية البحث عن موقف بعض الوجوه السياسية تجاه «حنكة الشيخين»، وكيف يقيمونها، فكان ان اتصلنا في البداية بالنائب عن الجبهة الشعبية منجي الرحوي الذي خير عدم الحديث في الموضوع في الوقت الراهن، واكتفى بقوله: «موش وقتو».
واتصلنا بعديد الوجوه السياسية الاخرى رفضت الاجابة ربما لتزامن السؤال مع الحديث عن حكومة وحدة وطنية، ولكل غاياته، كما كان لنا اتصال بالاعلامية والحقوقية نزيهة رجيبة التي رفضت الحديث ليس في موضوع التحقيق بل لوسائل الاعلام التونسية ككل، معللة قرارها بكونها كانت تعتقد ان الاعلام تغير لكنها وجدت دار لقمان على حالها وان اعلام بن علي عاد وبقوة  ..

قيس سعيد: توافق يجب اخذه بكثير من التوجس والحذر

من جهته بين لنا استاذ القانون الدستوري قيس سعيد أن تقارب الشيخين لا يمكن وصفه لا بالنعمة ولا بالنقمة، مبينا ان هذه المفردات يتم استعمالها من قبل الطيف السياسي كل للدفاع عن افكاره وأهدافه الخاصة، وذكر ان الباجي والغنوشي يستعد كل منهما الى المرحلة القادمة حتى وان جاءت قبل آجالها ..
وعن اتفاقهما حول حكومة وحدة وطنية اكد انه من الضروري ايجاد وحدة حول برامج جديدة، وتصور جديد للعمل الاقتصادي والاجتماعي، وتصور جديد للدولة قبل الحديث  والاتفاق حول حكومة وحدة وطنية، وتساءل محدثنا عن المقصود بالوحدة الوطنية وان كان الهدف منها الاستجابة لمطالب الشعب ام انها ستعود الى المربع الأول أي الى حكومة الوحدة الوطنية التي تم وضعها ابان الثورة ولم تستمر لاكثر من ايام.
واكد قيس سعيد ان على الغنوشي والباجي وقبل الدفاع عن هذه الفكرة ان يبحثا عن تصور جديد للدولة، مشيرا الى أن هذا التوافق بينهما يجب اخذه بكثير من التوجس والحذر، كما قال انه لا مناص لكل واحد منهما من قبول الأخر ..

محمد الحامدي: نجاة تونس لم تكن بفضل الغنوشي والسبسي

واما الأمين العام لحزب التحالف الديمقراطي محمد الحامدي فقال ان التوافق بين القوى الاساسية والكبرى في البلاد أمر مطلوب، مبينا انه لولا تدخل العقلاء وخاصة الرباعي الراعي للحوار لما كان لهذا التوافق ان يتم وان نعيش هذا المشهد السياسي، مشيرا الى ان تونس تمكنت من النجاة ليس بفضل حنكة الباجي والغنوشي بل بفضل الرباعي الراعي للحوار، كما افادنا ان الصراع بين النهضة والنداء  وبين الغنوشي والسبسي في وقت ما كان سيؤدي الى حرب اهلية، وليس العكس.
واكد ان توافق الشيخين ليس الدافع إليه الحرص على انقاذ البلاد بقدر تفكيرهما في مصالحهما الشخصية حيث لكل واحد منهما غايته سواء تعلق الامر بالمصالحة الاقتصادية أو بالعفو التشريعي، مضيفا أنهما لم يفكرا في برامج لانقاذ البلاد، والدليل انه وبعد عام ونصف من الحكم والتوافق وامتلاكهما للأغلبية ولقاعدة نيابية واسعة اعترفا بفشل الحكومة وذلك لأنهما اتفقا على محاصصة حزبية دون التفكير في منوال تنموي للبلاد.  
وذكر الحامدي ان الحكومة الحالية محظوظة وتتمتع بظروف جيدة  يصعب ان تتوفر لغيرها من حيث قاعدتها النيابية الواسعة المريحة ومن حيث ضعف المعارضة وتشتتها داخل المجلس وخارجه، مشيرا الى أنه ليس لهذه الحكومة ما تتحجج به، وخير دليل السهولة التي مرت بها كل القوانين التي طرحتها الحكومة على المجلس بما فيها تلك المناقضة للدستور على حد تعبيره... واكد الحامدي أنه وعوض الدعوة الى حكومة وحدة وطنية فانه علينا أن نبحث في سبب اخفاق الحكومة الحالية بعيدا عن الشماعات التي يريد أنصارها الترويج لها لتبرير الفشل قائلا: «ليس المشكل في النظام السياسي ولا في المعارضة ولاحتى في اتحاد الشغل. ان الخطيئة الاصلية التي اعاقت هذه الحكومة رباعية الدفع واصابتها بالشلل الذي نراه هي انعدام برنامج الاصلاح....لانعدام الرغبة وانعدام الرؤية. لذلك أي حديث عن ترميم أو توسيع للرباعي الحاكم دون توافق وطني واسع حول برنامج للانقاذ الوطني سيكون من باب اجراء بعض التجميل على من يعاني من داء عضال»...

اعداد: سنــاء الماجري